responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 375
سُمْعَةً. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ يُزَادُ حَرْفُ الْجَرِّ فِي الْمَفْعُولِ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُتَعَدِّيًا كَقَوْلِكَ قَرَأْتُ فِي السُّورَةِ وَقَرَأْتُ السُّورَةَ، وَأَلْقَى يَدَهُ وَأَلْقَى بِيَدِهِ، وَفِي الْقُرْآنِ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى [الْعَلَقِ: 14] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ لِرَبِّهِمْ اللَّامُ صِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ كقوله: رَدِفَ لَكُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا فِي قَوْلِهِ: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ [آلِ عِمْرَانَ: 73] .

[سورة الأعراف (7) : آية 155]
وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (155)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ] فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الِاخْتِيَارُ: افْتِعَالٌ مِنْ لَفْظِ الْخَيْرِ يُقَالُ: اخْتَارَ الشَّيْءَ إِذَا أَخَذَ خَيْرَهُ وَخِيَارَهُ، وَأَصْلُ اخْتَارَ:
اخْتَيَرَ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَقَبْلَهَا فَتْحَةٌ قُلِبَتْ أَلِفًا نَحْوَ قَالَ وَبَاعَ، وَلِهَذَا السَّبَبِ اسْتَوَى لَفْظُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَقِيلَ فِيهِمَا، مُخْتَارٌ، وَالْأَصْلُ مُخْتَيِرٌ وَمُخْتَيَرٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ فِيهِمَا أَلِفًا فَاسْتَوَيَا فِي/ اللَّفْظِ. وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الْأَعْضَاءَ السَّلِيمَةَ بِحَسَبِ سَلَامَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ صَالِحَةٌ لِلْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَصَالِحَةٌ لِلْفِعْلِ وَلِضِدِّهِ، وَمَا دَامَ يَبْقَى عَلَى هَذَا الِاسْتِوَاءِ امْتَنَعَ أَنْ يَصِيرَ مَصْدَرًا لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الثَّانِي، وَإِلَّا لَزِمَ رُجْحَانُ الْمُمْكِنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَإِذَا حَكَمَ الْإِنْسَانُ بِأَنَّ لَهُ فِي الْفِعْلِ نَفْعًا زَائِدًا وَصَلَاحًا رَاجِحًا، فَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجَانِبَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ضِدِّهِ. فَعِنْدَ حُصُولِ هَذَا الِاعْتِقَادِ فِي الْقَلْبِ يَصِيرُ الْفِعْلُ رَاجِحًا عَلَى التَّرْكِ، فَلَوْلَا الْحُكَمُ بِكَوْنِ ذَلِكَ الطَّرَفِ خَيْرًا مِنَ الطَّرَفِ الْآخَرِ امْتَنَعَ أَنْ يَصِيرَ فَاعِلًا، فَلَمَّا كَانَ صُدُورُ الْفِعْلِ عَنِ الْحَيَوَانِ مَوْقُوفًا عَلَى حُكْمِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْفِعْلِ خَيْرًا من تركه، لا جَرَمَ سُمِّيَ الْفِعْلُ الْحَيَوَانِيُّ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا. واللَّه أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْتُلُ نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْخَيْرَاتِ بَلْ مِنَ الشُّرُورِ.
فَنَقُولُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْدِمُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ إِلَّا إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَتْلِ يَتَخَلَّصُ عَنْ ضَرَرٍ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ الْقَتْلِ، وَالضَّرَرُ الْأَسْهَلُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الضَّرَرِ الْأَعْظَمِ يَكُونُ خَيْرًا لَا شَرًّا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالسُّؤَالُ زَائِلٌ.
واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ جَمَاعَةُ النَّحْوِيِّينَ: مَعْنَاهُ وَاخْتَارَ مُوسَى مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ. فَحُذِفَتْ كَلِمَةُ «مِنْ» وَوُصِلَ الْفِعْلُ فنسب، يُقَالُ: اخْتَرْتُ مِنَ الرِّجَالِ زَيْدًا وَاخْتَرْتُ الرِّجَالَ زَيْدًا، وَأَنْشَدُوا قَوْلَ الْفَرَزْدَقِ:
وَمِنَّا الَّذِي اخْتَارَ الرِّجَالَ سَمَاحَةً وَجُودًا إِذَا هَبَّ الرِّيَاحُ الزُّعَازِعُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ مِنَ الْأَفْعَالِ مَا يَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِحَرْفٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُتَّسَعُ فَيُحْذَفُ حَرْفُ الْجَرِّ فَيَتَعَدَّى الْفِعْلُ إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ اخْتَرْتُ مِنَ الرِّجَالِ زَيْدًا ثُمَّ يُتَّسَعُ فَيُقَالُ اخْتَرْتُ الرِّجَالَ زَيْدًا وَقَوْلُكَ أَسْتَغْفِرُ اللَّه مِنْ ذَنْبِي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّه ذَنْبِي قَالَ الشَّاعِرُ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّه ذَنْبًا لَسْتُ أُحْصِيهِ
وَيُقَالُ أَمَرْتُ زَيْدًا بِالْخَيْرِ وَأَمَرْتُ زَيْدًا الْخَيْرَ قَالَ الشاعر:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست